»نشرت فى : الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

أصدقاء حدود (قصة للأطفال)




بقلم: רבקה קרן ريـﭬـكاه كيرن
ترجمة من العبرية: لمياء عصام مرسي

وهي قصة عدناه التي تسكن بجوار الحدود التي كانت قائمة ولم تعد موجودة.

كان صباح يوم السبت في القدس.
جلستُ على عارضة النافذة، ونظرتُ داخل فناء منزلنا، المنقسم نصفين بسبب جدار حجري.
لافتة صفراء صدئة بالقرب.
فناؤنا هو الحدود، كان هذا الجدار المنخفض الداكن يَقسم بين هنا وبين هناك. بين القدس وبين القدس ... لكن هناك، خلف الجدار، قدس مختلفة تمامًا. لا يظهر أي شخص عبر اللافتة.
فكرتُ أن الجيران لا زالوا نائمين. أنا أعرفهم جيدًا. واحد منهم لديه شارب أسود، على رأسه كوفيه، في يديه رشاش يدوي ومنظار. هؤلاء هم جيراننا ... بنوا لأنفسهم موقعًا قويًا من أكياس الرمل والأحجار والأسلاك. ومن هناك كانوا ينظروا إلينا ساعات طويلة. هم رأوني وأنا ألعب بالحبل بجوار اللافتة الصفراء، وأنا مُرتدية قميص أخضر وتنورة ذو مربعات.
كنت أحيانًا استرق بعض النظرات تجاههم. كانوا منبطحين أرضًا كأن هناك أمر ساكن، ويرتسم على وجوههم تعبير الغِلظة، وماسورة بنادقهم مُوجهة قليلًا لأعلى. ذات مرة عدتُ من المدرسة، ووجدتُ حوائط منزلنا مثقوبة من رصاصهم.
وقتئذ خفتُ وغضبتُ أيضًا: لماذا أطلقوا النيران علينا؟ إنهم بالفعل يعرفون بأنني وأمي وأبي وأختي روت وأخي الرضيع نسكن هنا. في الواقع لقد استطاعوا أن يؤذونا.
بجوار الموقع، على اليمين، في منزل نصفه مُهَدَّم يسكن صبي عربي وامرأة عجوز جدًا. على ما يبدو جدته. كان للصبي قميص كاكي واحد في الصيف، وفي الشتاء كان يرتدي من فوقه معطف عسكري قديم وطويل.
كانت نوافذهم بدون زجاج، وكانوا في أيام البرد يسدونها بالحجارة وبالألواح.
أصبحتُ أنا والصبي صديقين جيدين. نعم، يمكن أن نكون أصدقاء رغم المسافة. في الصيف فرحنا معًا تحت حرارة الشمس، وفي الشتاء خُضنا في البرك والطين. هو هناك – وأنا هنا.
أحيانًا، عندما لا يظهر أحد، كان يلوح بيده ناحيتي بالسلام. كنتُ أرد عليه التحية ونبتسم. أردتُ أن أسأله: "كم عمرك؟ أين أمك وأبوك؟ في أي مدرسة تدرس؟" لكننا لم نستطع أن نتحدث، لأن الجدار الحجري المنخفض ولافتة الحدود فصلوا بيننا.
الآن في صباح السبت، جلستُ على عارضة النافذة وانتظرته. وكنت أمسك في يدي كيس ورقي. كان يوجد داخل الكيس حلوى عديدة، طوفي وحامض بالسمسم وحلوى مغطاه بالشوكولاته. أدخرتُ طوال أسبوعين كل قرش لكي أشتري الحلوى.
لم يظهر الجنود في الموقع؛ هم بالتأكيد يتناولون الإفطار. والداي وأخواي نائمون. يصل لمسامعي ترانيم السبت وأصوات الأجراس من المدينة القديمة.
فجأة رأيته. قفزتُ من النافذة وذهبتُ إلى اللافتة. وهو وقف ونظر إليّ. ألقيت إليه الكيس بقوة شديدة. باااخ! أحدث صوت لدي سقوطه. رفع جندي واحد رأسه وتطلع بفضول، لكنه عندما لم يرى شيئًا عاد واختفى. تابعتُ صديقي وأنا متحمسة. انحنى سريعًا والتقط بيديه الكيس الأسمر. وبحركة خاطفة فتح الكيس ونظر بداخله: حلوى! رفع نظره وأرسل ناحيتي ابتسامة ضعيفة. وضع الجندي الذي في الموقع منظاره وصاح بشئ ما بالعربية. تراجعتُ. تراجع الصبي أيضًا مذعورًا. واختفى في مدخل البيت المُهَدَّم، ولم أره لأيامٍ طويلة.
ذات يوم، في بداية الربيع، سُمع صوت إطلاق النار الأول. تنبه الكلاب من نومهم وبدأوا في النباح. وسُمعتْ صيحات امرأة من أحد الأفنية. خرجتُ للشارع وبدأت في الجري وأنا مذعورة. إطلاق نار ... رصاص ... رصاص ... من يطلق النار؟ ... لماذا تطلقون النار؟ – – –
ركضتُ، ركضتُ ... رأيتُ اللافتة الصفراء – ثم  سقطتُ. لم أشعر بشئ، فقط ضربة غامضة بجوار الركبة. أردتُ أن أقف، لكني لم أستطع وسقطتُ ثانية. لمستُ ركبتي وكانت مُلطخة بالدماء. فهمتُ أنهم أصابوني ...
كنتُ مصدومة. شخصٌ ما ركض ناحيتي، توقَفْ، تردد، انحنى وتطلع في وجهي. هذا كان الصبي خلف الحدود! الصبي العربي! كيف وصل إلى هنا؟
نزع الولد قميصه بسرعة، مزَّقه وربط رجلي، دون أن ينطق بكلمة. بعد ذلك فكرتُ أنه لم يعد لديه قميص.
سمعتُ بعد ذلك صوت أبي وأشخاص آخرين. إطلاق النار توقف. أشعلوا مصابيح. لكن الصبي لم يعد موجود. اختفى.
رقدتُ طوال فترة الحرب في المستشفى ورجلي بالجبس. أُنزلتُ للقبو مع كل المرضى. فجأة بدأ أشخاص يُقَبَّلون بعضهم ويتعانقون: "استولينا على المدينة القديمة! الحائط الغربي في أيدينا!"
كانت أول فكرة راودتني أنني الآن سأستطيع أن أتحدث معه ... مع الصبي، بدون خوف ...
عندما عدتُ لمنزلي بعد مرور أسبوعين، تغيرت المنطقة. تهدَّم الجدار الحجري، تهدم حائط واحد من منزلنا. بقايا زجاج وحفر عميقة منتشرة على الطريق والفناء.
مشيتُ حتى اللافتة الصفراء وأنا أعرج وهناك توقفت. لا يوجد جنود في الموقع، ولا بنادق، كان الموقع خاليًا ومهجورًا. عبرتُ الحدود! للحظة هاجمني خوف. تقدمتُ خطوة تلو الأخرى بحذر، حتى وصلتُ للبيت المُهَدَّم. كان الباب مخلوعًا من مكانه.
نظرتُ بالداخل: فراغ. سرير حديدي مقلوب ... حطام جرة فخار ... لا أحد.
اقتربتْ مني امرأة عربية وأنا في الطريق. سألتها: "صبي ... قبل الحرب ... كان يسكن هنا مع جدته ... أين هو؟ ..."
لم تفهم المرأة لغتي العبرية، لكنها فهمتْ إشاراتي.
"آه، سعيد ..." هكذا ردت، "عَمان ... عَمان!"
لوحتْ بذراعها وأوضحت كيف هربوا لمدينة عَمان ...
عدتُ وتوقفتُ بجوار اللافتة الصفراء. انحنيتُ نقشتُ على اللافتة كلمتين: على جانبه الشرقي – "سعيد"، وعلى جانبه الإسرائيلي – "عدناه".

 


רבקה קרן ريـﭬـكاه كيرن: هي أديبة ومحررة ومترجمة قصص وتعمل في الفن والتصوير. ولدت في المجر عام 1946، وهاجرت لفلسطين في عمر الحادية عشرة حيث أكملت دراستها. كتبت حتى الآن 14 كتاب، تتناول فيهم تجربتها وخبرتها، وموضوعات الحياة اليومية. من كتبها: "רותי שמוטי روتي شموتي" 1970، "קטי, יומן של נערה كاتي، يوميات فتاة" 1973، "המסע של תיק ותק رحلة تيك وتاك" 1980، "קיץ עצוב, קיץ מאושר صيف حزين، صيف سعيد" 1986.

قصة "ידידי גבול أصدقاء حدود" من كتاب "30 שנה, 30 סיפורים – מבחר הסיפור העברי הקצר משנות הששים עד שנות התשעים" בחר וערך: זיסי סתוי, הוצאת ספרי ידיעות אחרונות, 1993.



نُشرت هذه الترجمة في موقع احتلال نيوز بتاريخ 3/11/2016

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة أقلام بلا هوية 2014 - 2015