»نشرت فى : الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

قصة "أنا من اليهود" .. وضياع هوية اليهودي



فازت قصة "أنا من اليهود" للكاتب الإسرائيلي "ألموج بيهار" بجائزة صحيفة هآرتس للقصة القصيرة عام 2005. وترجمها للعربية دكتور "محمد عبود".
في هذه القصة تتضح عدة نقاط مهمة من شأنها الإفصاح عمّا يدور داخل اليهودي الشرقي من صراعٍ نفسي وضياعٍ لهويته. ويتضح ذلك في عدة صور من بينها:

1-أول صور ضياع الهوية تتجلى في عنوان القصة، "أنا من اليهود" حيث نجد العنوان مكتوبًا بالعربية ولكن بحروف عبرية.

2- يبدأ الكاتب القصة بالتعبير عن مدى صعوبة نطقه للعبرية ويظهر بدلًا منها اللغة العربية، وصعوبة الحفاظ على اللكنة الإشكنازية في حديثه وإنما يحل محلها اللهجة الشرقية "السفاردية"، دون توضيح أي سبب لذلك.

3- أيضًا يظهر مدى ضياع هوية البطل من خلال عدم قدرته على نطق العبرية بلكنة سليمة أمام الشرطة اليهودية، وكذلك عدم استطاعته على نطق العربية بطريقة سليمة أمام العرب، رغم اعترافه داخليًا بأنه قادر على ذلك. فلا هو استطاع أن يصبح يهوديًا بشكل كامل ولا استطاع أن يندمج مع العرب الذين تعود إليهم جذوره (العراق). ويصف الكاتب تلك الحالة بقوله "بطاقة الهوية اختفت".

4- يتضح من خلال القصة ضياع اللغة العبرية والذي من شأنه أن يؤدي لضياع هوية اليهودي نفسه، يسرد الكاتب في القصة أن كل يهودي عاد إلى لكنته الأصلية التي تعود للبلد التي جاء منها؛ سواء كان شرقيًا أم اشكنازيًا. ويؤكد أيضًا على فشل محاولة المسئولين في إسرائيل في التشويش على بقية اللكنات التي تُنطق بها العبرية، وأن تلك اللكنات ستظل موجودة رغمًا عنها. ويصف اللغة العبرية في نهاية القصة بأنها غير موجودة ".. فننتحل لغة أخرى غير موجودة".

5- من بين صور ضياع الهوية أن "أورشليم" التي تدور فيها أحداث القصة، عادت كما كانت قبل 1948، وأن الشوارع والأشخاص والعائلات وحتى القنصلية البلجيكية أصبحت عربية.

6- يتجلى الاغتراب وضياع الهوية لدى الكاتب في أكثر صوره من خلال هذه الجملة "لا أنا هنا ولا أنا هناك، لستُ شرقيًا ولا غربيًا، لستُ صوت الحاضر ولا صوت الماضي، ماذا ستكون النهاية؟"

7- لجأ الكاتب في نهاية القصة إلى الصمت مُستخدمًا لغة الإشارة بدلًا منها في الحديث مع والديه ويقول: "لا يوجد لدي لغة أخرى استخدمها، من شدة الخزي لم تورثا لي شيئًا ... واللغة التي فرضوا عليّ الحديث والتعبير بها، تحولت إلى ناي أجوف لا يتجاوب مع أنفاسها".

8- تنتهي القصة بتنكُر والديّ البطل منه بسبب لكنته الغريبة وصمته المستمر وعدم تحدثه بلغتهم، وهذا يرمز لتنكُر إسرائيل من اليهود الذين يرفضون السير على نفس النهج التي تريدهم أن يسيروا عليه، وأن هذا اليهودي إذا لم يتبع سياساتهم ويوافقهم على ما يؤمرونه به فسيكون منبوذًا لديهم.
ويستعرض الكاتب أيضًا من خلال أحداث القصة المعاملة الهمجية للشرطة الإسرائيلية  لكل من يشتبه في أنه ليس من اليهود، فنجد بيهار يصف مدى دقة التفتيش وهمجيته بعدما جردوه من ملابسه قائلًا: "فتشوا أسفل طبقات جلدي عن حقدي الدفين".

ولا نستطيع أن نغفل وصف بيهار لإسرائيل في القصة بأنها تعيش لحظات الاحتضار، وبأن كبار المسئولين في الأجهزة الأمنية يعرفون ذلك.

ولد ألموج بيهار في نتانيا عام 1978. أعد الماجستير في الفلسفة بالجامعة العبرية بالقدس والدكتوراة في الأدب العربي، يقيم حالياً في القدس. نشر عدد من القصص والقصائد في جرائد ومجلات مثل "هاليكون"، "عيتون 77"، "هاكيفون مزراح"،. أصدر ديوانه الأول "ظمأ الآبار" عام 2008، "وبعدها أصدر مجموعته القصصية "أنا من اليهود" في نفس العام، وديوانه الثاني "خيط يتدلى من اللسان" عام 2009.وقد نشر مقالة في كتاب "أصداء الهوية، الجيل الثالث يكتب باللغة الشرقية"، عام 2007.[i]

كما تُرجمت للأديب رواية "تشحلة وحزقيل" إلى العربية على يد نائل الطوخي وصدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2016.

نُشر هذا المقال في موقع احتلال نيوز بتاريخ 8/5/2017



[i] http://hkzathdthcohen.blogspot.com.eg/2010/05/blog-post_21.html

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة أقلام بلا هوية 2014 - 2015