»نشرت فى : الجمعة، 7 ديسمبر 2018»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

"عجنون" أديب نوبل الإسرائيلي




حياته
هو شموئيل يوسف عجنون (1888 – 1970) وهو كاتب إسرائيلي يهودي بولندي الأصل، وهو من أبرز أدباء الأدب العبري الحديث.

وُلد عجنون في 8 أغسطس 1888 في مدينة "بوتشاتش" في "جاليسيا" جنوبي بولندا. وكان اسم عائلته الأصلي "تشاتشكس". عندما كان في الثامنة من عمره تمكن من الكتابة بلغتي "الييديش"[1] والعبرية. ومنذ صغره دأب على القراءة وخاصة في الأدب الشعبي اليهودي والأساطير والتفسيرات المختلفة "للمقرا"[2] و"التلمود"[3]. في سن الخامسة عشر نشر أول قصة له في مجلة "المراقِب" وعنوانها "גבור קטן بطل صغير" بالييديشية، وفي السنة اللاحقة نشر أول قصيدة له بالعبرية.

بين عامي 1906 و1907 عمل مساعدًأ لمحرر الصحيفة اليهودية البولندية باللغة الييديشية "الموقظ اليهودي" حيث نشر بعض أعماله الأدبية الأولى. هاجر عجنون إلى فلسطين عام 1909 ووصل إلى مدينة يافا حيث عاش فيها كما عاش في القدس. في تلك الفترة عمل سكرتيرًا لمحكمة الصلح العبرية الأولى، التي أقيمت في ذلك الحين كمؤسسة مستقلة. وعجنون يفتخر كثيرًا بتلك الفترة لأنها كانت أساسًا لكثير من قصصه. وقد حكى الكثير عن تلك الأيام "حينما كان يجلس في المحكمة وينظر إلى المتخاصمين والقضاة ويسجل كل ما يدور على الورق"[4] كما تعرَّف في تلك الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى على جماعات العمال التي كان على رأسها الأديب اليهودي "يوسف حاييم برنر"[5].

عملة ذهبية تذكارية تحمل صورة عجنون صادرة من بنك إسرائيل
في عام 1913 هاجر عجنون إلى ألمانيا حيث قابل "استير ماركس" وتزوج منها في عام 1920. كما تعرف على رجل الأعمال اليهودي "زلمان شوكن" الذي كان يملك دارًا للنشر فقام بنشر جميع كتب وقصص عجنون، كما اشترى صحيفة هاآرتس الصادرة في تل أبيب عام 1939. في عام 1927 حتى 1942 كان عجنون عضوًا في "لجنة اللغة العبرية"[6]، واستقال عندما وجه إليه بعض الأعضاء نقدًا لاذعًا عن أسلوبه. وعندما تأسست "أكاديمية اللغة العبرية" انضم إليها.

أعماله

في عام 1908 نشر أول قصة له بعنوان "עגונות نساء مخذولات" وتُنطق عجونوت، ووقع عليها باسم عجنون كاسم مستعار حتى أصبح اسمه الرسمي عام 1924. أما أول رواية له نشرها عام 1912 بعنوان "והיה העקוב למישור وأصبح المعوج مستقيمًا" (وهو عنوان مأخوذ من سفر إشعيا 40 ، 4). وتوالت أعماله بعد ذلك حيث كتب قصص قصيرة في مجالات الحياة المختلفة: فهناك قصص دينية مثل "מקטרתו של זקני עליו השלום غليون شيخي عليه السلام"، وقصص واقعية مثل "בין שתי ערים بين مدينتين"، وقصص حب مثل "הרופא וגרושתו الطبيب ومطلقته" وأيضًا قصص عصرية مثل "עידו ועינם عيدو وعينام"، وغيرهم من القصص.

وكتب أيضًا عدة روايات كان أولها "وأصبح المعوج مستقيمًا" عام 1912، ثم "הכנסת כלה دُخلة العروس" عام 1931، و"אורח נטה ללון ضيف مال للمبيت" عام 1938، و"תמול שלשום الأمس القريب" عام 1945، و"שירה شيرا" عام 1971 والتي صدرت بعد وفاته. في يوليو 1969 تعرض بسكتة دماغية تسببت في إصابته بشلل وأثرت على قدرته على النطق، وتوفي في 17 فبراير 1970.

بعد وفاته عُرضت قصصه على المسارح الاسرائيلية، كما تُرجمت أعماله إلى لغات كثيرة منها: الألمانية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية والإيطالية والهولندية والتركية وغيرهم.

الجوائز

نال عجنون العديد من الجوائز كان أهمهم على الإطلاق جائزة نوبل في الأدب التي حصل عليها عام 1966 مناصفة مع الشاعرة السويدية اليهودية نيلي زاكس. وجاءت الجائزة بعد ترشيحات عديدة من الناقد الأدبي والباحث الإسرائيلي "باروخ كورتسفيل"، وكانت بداية تلك الترشيحات في عام 1946 بعد توصية من "زلمان شوكن"، وتجددت تلك المحاولات في الأعوام 1951 و1963 و1964 حتى حصل عليها.

كما حصل عجنون على جائزة بياليك مرتين (1934 – 1950)، وعلى جائزة إسرائيل مرتين (1954 -1958)، وحاز على جائزة أوسيشكين عام 1946 عن روايته "الأمس القريب". كما منحت له الجامعة العبرية بالقدس درجة الدكتوراة الفخرية عام 1958، وحصل على نفس الدرجة أيضًا من معهد فايتسمان عام 1967.

صورة عجنون تظهر على ورقة نقدية فئة 50 شيكل
أسلوبه

تأثر عجنون بأسلوب العهد القديم والمشنا وغيرها من كتب التراث اليهودي حيث "عمد في أسلوبه على استخراج الكنوز اللغوية الدفينة في كتب المدراش[7] والأدب الحاخامي وحكايات الحسيدية[8]"[9]، ومع ذلك نجد كلا الجانبين الديني والعلماني في أعماله "ينتهي باروخ كورتسفيل في تقييمه لعالم عجنون إلى إعتباره عالمًا حافلًا بالصراع بين القطبين الديني المطمئن الموروث والدنيوي العلماني الثائر المتوتر"[10]

ويرى الدكتور رشاد الشامي أن أسلوب عجنون يتعرض لتغيير كبير، وهذا يكشف نواياه في وضوح أكبر: فمن الكتابة الأسطورية الخالصة كما هو الحال في رواية "دُخلة العروس" إلى الكتابة الأسطورية المحملة بالرموز والتي تسود أغلبية أعماله، ثم إلى الكتابة الرمزية الخالية تقريبًا من العنصر الأسطوري في قصصه الاخيرة.[11]

وفيما يخص لغته الأدبية فنجد أن لغته مستمدة من كتب التراث اليهودية والعهد القديم، "فالتركيب اللغوي لأسلوب عجنون الأدبي تتحد فيه - كل صور أسلوب اللغة العبرية منذ ثلاثة آلاف سنة - وهو يكثر من استخدام الجناس والسجع والعبارات الموحية والتلاعب بالألفاظ."[12]

"ويرى بعض النقاد أن عجنون أديب "متعدد الأساليب" كما لقبه الشاعر"حاييم نحمان بياليك"[13] في إحدى مقالاته"[14]، وكانت الحركة الصهيونية من أهم العوامل المؤثرة عليه، حيث تأثر بأفكارها ودعا إليها، وكان من المطالبين بالاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة بعد حرب 1967.

دأب عجنون على عرض طابع شخصياته على أنها مَثَل أعلى للحياة اليهودية فنجد "معظم قصصه تحوي هدفًا معلنًا وهدفًا غير معلن، فمثلًا الرغبة المعلنة هي تقديم الحياة اليهودية القديمة، وهدف غير المعلن هو، تعميق الإحساس بالاضطهاد في وجدان القارئ اليهودي مثل قصة (עיר ומלואה مدينة وما فيها)"[15]

وبالتالي يظل عجنون الأديب الإسرائيلي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب، يظل أديبًا غامضًا لمعظم نقاده وأيضًا قرائه.


نُشر هذا المقال في موقع احتلال نيوز بتاريخ 27/10/2016


[1] الييديش: عبارة عن لغة خاصة باليهود في شرق أوروبا، وهي عبارة عن خليط من العبرية والآرامية والألمانية وبعض الكلمات السلافية وتكتب بالخط العبري.
[2] المقرا: من قرأ، وتطلق على العهد القديم باعتباره الشريعة المكتوبة التي تقرأ.
[3] التلمود: هي الشريعة الشفوية لليهود، وتتكون من مشنا وجمارا.
[4] رشاد الشامي، لمحات من الأدب العبري الحديث مع نماذج مترجمة، 1978، ص57.
[5] يوسف حاييم برنر: (1881-1921) من أبرز أدباء الهجرة الثانية (1904-1914) ولد في أوكرانيا، وهاجر إلى فلسطين عام 1909 حيث زاول نشاطه الأدبي والثقافي، ولقي مصرعه على يد عربي عام 1921، تأثر بأفكار تولستوي الأشتراكية، ومن أبرز كتاباته (عمق عَكِر) و(في الشتاء).
[6] لجنة اللغة العبرية: تأسست في القدس عام 1890، واستبدل اسمها عام 1953 باسم أكاديمية اللغة العبرية. وهي تقوم بتطوير اللغة العبرية وإصلاح الأخطاء اللغوية.
[7] المدراش: هي تفسيرات لأجزاء من العهد القديم، من كلمة (דרש) في العربية (درس).
[8] الحسيدية: هي حركة روحانية يهودية نشأت في القرن السابع عشر، مؤسسها هو "بعل شيم طوف" وتلميذه "هامجيد ممزريتش"، وتضم في فكرها الأفكار الصوفية اليهودية.
[9] زين العابدين محمود أبوخضرة، الأدب العبري الحديث – السمات والخواطر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1997، ص98.
[10] ابراهيم البحراوي، الاتجاهات التفسيرية لأدب عجنون (دراسة نقدية في مناهج التفسير)، ص54.
[11] رشاد الشامي، المرجع السابق، ص15
[12] عبدالوهاب محمود وهب الله، عجنون ومشاكل الاستيطان في فترة الهجرة الثانية من خلال روايته תמול שלשום الأمس الأول، (رسالة ماجستير) غير منشورة، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1980، ص86.
[13] حاييم نحمان بياليك: (1873 – 1934) أبرز شعراء العبرية في العصر الحديث، فقد توج باعتباره شاعر القومية اليهودية، بدأ انتاجه الأدبي بقصيدة (אל הציפור إلى العصفور) 1891. هاجر إلى فلسطين عام 1924 وقام بدراسة الشعر العبري في العصور الوسطى وترجم إلى العبرية نماذج من الأدب العالمي. توفى عام 1934. ومن أشعاره (מתי המדבר موتى الصحراء) و(מתי המדבר האחרונים موتى الصحراء الآخرون) و(בעיר ההריגה في مدينة القتل).
[14] عبدالوهاب محمود وهب الله، المرجع السابق، ص 91.
[15] عبدالرحمن علي علي عوف، مقال بعنوان "عجنون وتعميق الإحساس بالاضطهاد في الوجدان اليهودي"، مجلة الدراسات الشرقية، العدد الثالث ديسمبر 1985، ص66.

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : bloggerinarab, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة أقلام بلا هوية 2014 - 2015